دروس على الخط في مقياس النظام التربوي في الجزائر

2- أثناء الاحتلال الفرنسي (1830-1962)

تعتبر الفترة التي قضاها الاحتلال الفرنسي في الجزائر أقسى أنواع الاحتلال في العالم، حيث مارس فيها المحتل كل أنواع السياسات التي يرى فيها القدرة على إخراج الشعب من هويته وإلباسه ثوبا غير ثوبه، ترغيبا حينا وترهيبا أحيانا، كل هذا يحدث وفق خطة ممنهجة يساهم في وضعها ثلة من المفكرين والمنظرين يساعدهم على تنفيذها جيش من الأعوان تحت مظلات عديدة لتبرير الأفعال التي يقومون بها تارة، تحت غطاء الدين ومرة أخرى من أجل الحضارة ولنشر العلم والتنوير، لكن ما يؤكد ذلك هو ما تم تسجيله على أرض الواقع لا ما يتفوه به ساستهم وقادتهم ولعل في التصريح الذي جاء على لسان الكاردينال لافيجري (1825-1892) وهو يقول سنة 1869: "علينا أن نخلص هذا الشعب من قرآنه وعلينا أن نعتني على الأقل بالأطفال لتنشئتهم على مبادئ غير التي شب عليها أجدادهم، فإن من واجب فرنسا تعليمهم الإنجيل أو طردهم إلى أقاصي الصحراء بعيدين عن العالم المتحضر".

إن هذا التصريح الواضح الذي لا لبس عليه يبرز بصورة جلية لكل متتبع النوايا الحقيقية للاحتلال الفرنسي للجزائر، وهذا ما تجسد فعليا من خلال خططهم في مجال التربية والتعليم والتي سنتعرض لها بشيء من التفصيل.

إن نسبة الأمية في الجزائر غداة دخول المحتل كانت في حدود 05% غير أن الأرقام من أجل التنوير ونشر الحضارة الأوروبية المزعومة صارت وضعية التعليم في الجزائر وهذا بشهادة الجنرال الفرنسي دوماس الذي قال سنة 1901 أي بعد حوالي 70 سنة من الاحتلال "أن نسبة المتعلمين من الأهالــــي لا تتعدى 3.8%، وبعد قرن من الاحتلال أصبحت نسبة الأميين في الجزائر 92.2% بين من تتراوح أعمارهم من 05 إلى 18 سنة، و90% بين ما تجاوزت أعمارهم ثمانين عاما، وتشرد أكثر من مليون ونصف المليون طفل جزائري في الشوارع وهم في سن الدراسة لأنهم لم يجدوا المكان ولا من ينفق عليهم.

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بسيناري Scenari (نافذة جديدة)