مخطط الموضوع

  • الموضوع 2

    / مفهوم الرأي العام:

        مفهوم الرأي العام عرف تبايناً خفي في مدلوله، فعلى الرغم من اتفاق علماء النفس والاجتماع والسياسة والاتصال على على شيوع التعامل به وتلازمه مع الوجود البشري اختلفوا في وضع تصور أو مفهوم شامل له وهذا ما دونته الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية سنة 1968م، وهذه بعض التعريفات المختلفة له:

    أ/ تعريفات أجنبية للرأي العام:

    1/ عرفه لينارد دوب  بأنه: "موقف جماعة من الناس نحو مشكلة معينة أو حادث معين"[1].

    2/ وعرفه ليم البيج بأنه :" تعبير عن موضوع معين يكون محل مناقشة من جماعة ما"[2].

    3/ ويعرفه كلوريدج لينج بأنه : " الحكم الذي تصل إليه الجماعة في مسألة ذات اعتبار هام، بعد مناقشات علنية وافية" [3].

    4/ أما هينيسي  فيرى بأنه :" مجموع وجهات النظر القابلة للقياس لدى الأفراد الذين لهم مصلحة في قضية أو موضوع ما محل هذا الرأي "[4] .

    5/ ويعرفه ألبورت بأنه:" بأنه تعبير جمع كبير من الأفراد عن آرائهم في موقف معين، إما من تلقاء أنفسهم أو بناء على دعوة توجه إليهم تعبيرا مؤيدا أو معارضا لمسألة معينة أو شخص معين أو اقتراح ذي أهمية واسعة بحيث تكون نسبة المؤيدين أو المعارضين (في العدد) ودرجة اقتناعهم وثباتهم واستمرارهم كافية لاحتمال ممارسة التأثير على اتخاذ إجراء معين بطريق مباشر أو غير مباشر تجاه الموضوع الذي هم بصدده" [5].

    وهذا التعريف أشار إلى عدة عناصر مهمة في صناعة الرأي العام وهي العدد ، القضية، الاتفاق، العمق ، التأثير.

    ويعاب عليه أنه تحدث عن الرأي العام الفعلي دون الرأي العام الكامن.

    ب/ تعاريف العربية للرأي العام:

    1/ يعرفه الأستاذ أحمد بدر بأنه: "  اتفاق ضمني أو توافق معين من المجتمع يمثل درجة من الأهمية على مواجهة مشكلة معينة بطريقة معينة"[6].

    هذا التعريف يعتمد على مفهوم الضمير الجمعي عند دوركايم، حيث يستخدم الرأي العام كوسيلة لمواجهة المشاكل تماما مثلما يعتمد المجتمع على الضمير الجمعي في مواجهة المواقف المختلفة.

    2/ يعرفه أحد المهتمين بالاتصال قائلا: الرأي العام هو الفكرة السائدة بين جمهور من الناس تربطهم مصلحة مشتركة إزاء موقف من المواقف أو تصرف من التصرفات أو مسألة من المسائل العامة التي تثير اهتمامهم أو تتعلق بمصالحهم المشتركة "[7].

    هذا التعريف يشترط الفكرة قبل تكوين الرأي.

    3/ ويعرفه المهتمون بدراسته بأنه:" الحكم الذي يصل إليه الجماعة في قضية ما ذات اعتبار ما" وهذا التعريف يعتبر الحكم سابق للرأي.

    4/ ويعرفه الأستاذ مختار تهامي بأنه:" بأنه الرأي السائد بين أغلبية الشعب الواعية في فترة معينة نحو قضية معينة أو أكثر يحتدم حولها الجدل والنقاش وتمس مصالح هذه الأغلبية أو قيمها الإنسانية مسا مباشرا"[8] ويضع صاحب هذا التعريف معالم أساسية تميز الرأي العام هي:

    -أغلبية الشعب: أي أن الذي يعتمد رأيا عاما هو   رأي الأغلبية مع حفظ رأي المخالفين .

    -الواعية: فيما تقوم به وسائل الإعلام والتوعية و أجهزة التنظيمات الشعبية والسياسية في إلقاء الضوء على الموضوعات المثارة   لعدم توفر المعلومات حولها، لأن من لا علم له لا رأي سديد له.

    -في فترة معينة: لكل مشكلة أو قضية مثارة ظروف خاصة بها وهذه الظروف قد تكون سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية قد تتغير بتغير الوقت.

    -احتدام النقاش والجدل حولها:  مناقشة القضية من جميع الجوانب كفيل بتكوين رأي سديد حولها[9].

    -تمس مصالح الأغلبية:  إبراز المصلحة المادية المشتركة في القضية المثارة التي تحظى باهتمام الجماهير.



    [1] ) خليل إبراهيم رسول، سايكولوجية الرأي العام وطرق قياسه، دار الحرية، بغداد، 1986 ، ص 19

    [2] ) المرجع نفسه ص20.

    [3] ) أحمد بوزيد، سيكولوجية الرأي العام ورسالته الديمقراطية، عالم الكتاب، القاهرة، 1968 ، ص 3

    [4] ) سمير محمد حسين، الرأي العام الأسس النظرية والجوانب المنهجية، عالم الكتب، القاهرة، 2000، ص18

    [5]  ينظر مختار تهامي، الرأي العام والحرب النفسية، القاهرة دار المعارف، القاهرة 1982 ص 101-102

    [6] أحمد بدر، الرأي العام: طبيعته وتكوينه، مكتبة الأنجلو المصرية، ط . 2، القاهرة، 1987، ص 27

    [7] ينظر إبراهيم إمام، الإعلام والاتصال بالجماهير، مكتبة الانجلو مصرية القاهر 1969 ،ص 205.

    [8] ينظر مختار تهامي، مصدر سابق، ص16،12

    [9] ينظر عاطف عدلي وأخرون، الرأي العام والفضائيات، دار الفكر العربي2008 ص12


    • الموضوع 3

      /أهمية الرأي العام

      تباينت أهمية الرأي العام من عصر إلى عصر، وفي نظري أنه كلما ازدادت سهولة التواصل بين الأفراد والجماعات كلما كانت الحاجة ماسة للرأي،  وكما أشرنا سابقا أن  التواجد الوظيفي كان موجودا بمسميات ومظاهر عدة، ولعل هذا ما يعكس الأهمية القصوى التي أولتها التجمعات البشرية  للرأي العام عبر العصور ، لقد أدرك الفلاسفة القدامى والباحثون في الرأي العام أهميته بالنسبة للفرد والجماعة والمجتمع. فها هو ميكيافيلي في كتابه الأمير، يصرح بأن الحكومات لا تستطيع أن تستمر في الحكم دون موافقة الشعوب. وبعده بأكثر من قرنين يصرح دافيد هيوم بأن  الحكومات تؤسس على الرأي  العام، فعلى أساس الرأي العام تقوم الحكومات، ولا يمكنها أن تستمر إلا إذا حصلت على تأييد الرأي العام.

      _على المستوى الفردي: إن مساندة الفرد للرأي العام يجعله مقبولا اجتماعيا، فالفرد الذي يخالف الرأي العام يعتبر خارجا عن المجتمع، وهو ما يسبب له النبذ والعزلة الاجتماعية، وعدم القبول من طرف المجتمع الذي يعيش فيه. وقد قال جون لوك أنه لا يوجد بين كل 10 آلاف شخص، شخص واحد عديم الإحساس لدرجة أنه لا يهتم إطلاقا بالرأي العام، وهذا دليل قاطع على اهتمام الأفراد بالرأي العام لما يحققه لهم من تشارك وانتماء[1].

      _ على مستوى الأنظمة : تعتمد الحكومات والأنظمة السياسية على الرأي العام في تواجدها أولا وفي استمرارها في ممارسة السلطة على المجتمع، ذلك أن امتناع الرأي العام عن تأييد الحكومة هو تعبير عن سحب الثقة منها، والمطالبة بإسقاطها، مما يحول دون استمرارها في ممارسة السلطة، وأوضح مثال عن ذلك ما حدث من خلال الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا....

      وما يصدق عن الفرد والحكومة، يصدق على ما بينهما من جماعات ومؤسسات، فامتناع الرأي العام عن التعامل مع منتج ما، يعني توقف نشاط المؤسسة التي تنتجه، ومثال ذلك مقاطعة المنتجات الدنمركية من طرف الرأي العام الإسلامي بعد الإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم وهو ما أثر على الاقتصاد الدنمركي سلبا[2].

      وعليه، يمكن القول أن الرأي العام يؤدي إلى تعزيز العوامل التي تؤدي إلى الترابط والتماسك وتساعد على تقوية التضامن في المجتمع، وبالتالي تحافظ على تماسك المجتمع وقدرته على اتخاذ وتنفيذ القرارات، وكما قال ابن خلدون: "إنما على العصبية تقوم الدول".

      كما أن الرفض الذي يستخدمه مجتمع ما لعقاب شخص خارج عن ال أ ري العام ومنحرف عن تقاليد وقيم الجماعة، هو عقاب ذو صفة قانونية، فهو يحدث كاستجابة لفعل خاطئ قام به الفرد، وكرد فعل إرادي أو لا إرادي ضد من قام بفعل يهدد أف ا رد مجتمعه أو يصيب مصالحهم بالضرر.

      والرأي العام يجعل المجتمع يحافظ على معاييره ويعيد التأكيد عليها، كما يوجد لنفسه معايير جديدة للحفاظ على ذاتيته ومواقفه. فأخطر ما يمكن أن يواجه المجتمع هو انقسام الرأي العام فيه وتفتيته، وهو ما يوجد الصدام بين عدة آراء، ويوجد عدم التشارك في قيم ومبادئ جامعة ومشتركة.

      هذا وقد حدد محمد عبد القادر حاتم أهمية الرأي العام في:

      - المساعدة في سن القوانين وإلغائها.

      - مساندة القادة والهيئات السياسية.

      - المساهمة في تحديد طبيعة الأوضاع المرتبطة بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم.

      وفي الممارسة الدعوية من الضروري فهم ووعي توجه المجتمع في قضاياه، ففي نظري أن الخطيب الذي لا يحسن التحكم في هذه الآلية سيحكم على خطبته بالفشل وسرعان مما تتحول إلى خطبة روتينية تقام كونها شعيرة مفروضة وفقط، والفقيه الذي تعرض عليه النوازل المعاصرة ولا يلقي بالا  لما أجمع عليه الناس او تعارفوا فيه (طبعا ضمن دائرة عدم مخالفة النصوص القطعية) ستكون رؤياه مبتورة غير واقعية سرعان ما تلفظ ولا يعمل بها.



      [1]  صبرينة حديدان محاضرات في قياس واتجاه الرأي العام، مطبوعة موجهة للسنة الثاة علم اجتماع، جامعة محمد الصديق بن يحي جيجل،  قسم علم الاجتماعسنة2015/2016 ص 85،86

      [2]  نفس المصدر.


      • الموضوع 4

        /خصائص الرأي العام

        أجمل بعض الدارسين أهم خصائص الرأي العام في ما يلي [1]:

        I.                        الرأي العام اصطلاح شامل يتضمن العديد من الآراء:

        فتقسيم الرأي العام لفئتين معارضة ومؤيدة يخفي في ثناياه الكثير من الآراء  داخل كل فئة، فوجهات النظر والآراء تجاه أي سياسة أو حدث غالب أما تتدرج من التأييد المطلق إلى المعارضة المطلقة ..وبالتالي من الأفضل عند قياس ظاهرة الرأي العام أن توزع الآراء على جدول يعكس هذا التدرج في الرأي العام الأمر الذي يعبر بصدق على خصوصية الظاهرة.

        II.                        الرأي العام يختلف في درجة العمق والقوة: حيث هناك بعض المسائل الخاصة بالسياسة والاقتصاد يقتصر فهمها عادة على بعض المتخصصين في تلك الأمور الذين يكونون حولها رأي متعمق مبني على الدراسة والفهم بينما غالبية المواطنين لا يعيرون نفس المسائل ذات الاهتمام وبالتالي فرأيهم عادة ما يكون عابرا  ومن ثم فأي تغيير يطرأ على هذه المسائل لا يثير فيهم إلا انتباه  طفيف  . ولذلك يمكن القول أن الرأي العام يختلف في درجه ثباته و استمرارايته فالبعض يشكل رأيه بناء على معلومات قليلة جديدة، بينما البعض الآخر يبني آراءه بناء على معلومات وافرة ومن ثم فأراه  تكون أكثر رسوخا وأقل قابلية للتغيير.

        III.                        الرأي العام ظاهرة متغيرة: تمثل الانتقال من حالة إلى حالة فالجماهير عادة تكون - شديدة الحساسية خصوص ا بالنسبة للأحداث الهامة وبالتالي فآ ا رؤها تكون متذبذبة تجاه الأحداث الجسيمة وخصوص ا تلك التي تمس مصالحها بطريقة مباشرة ولذا يمكن القول أن ال أ ري العام يظل ساكنا حتى ظهور مشكلة تهدد مصالح الجماعة يترتب عليها ظهور الرأي العام بوضوح وقد يكتنفه التعبير العنيف أيضا[2] .

        IV.                        الرأي العام سهل التبلور: بالنسبة للأهداف التي تتطلع إليها الجماهير إلا أن الوسائل المقترحة أو المطروحة لانجاز تلك الأهداف عادة ما تثير جدلا وخلافا وبالتالي ليس من السهل تبلور أ ري عام حولها.

        V.                        يتشكل الرأي العام بواسطة الزعماء القادة: وذلك نظرا  لسيطرتهم على وسائل الإعلام  مما يتيح لهم فرصة تعبئة مشاعر وتطلعات الجماهير في المسار الذي يرغبونه.[3]

         



        [1] ) ينظر وجدي بركات، محاضرات في العلاقات العامة والاتصال وفي الخدمة الاجتماعية،  https://www.socialar.com نقلا صبرينة حديدان محاضرات في قياس واتجاه الرأي العام، مطبوعة موجهة للسنة الثاة علم اجتماع، جامعة محمد الصديق بن يحي جيجل،  قسم علم الاجتماعسنة2015/2016 ص84،83

         

        [2] المصدر السابق ، نفس الصفحة.

        [3]المصدر السابق. نفس الصفحة.