Annonces

الفصل الأول تاريخ العلوم وقياس الأزمنة

 
Picture of farouk ladjailia
الفصل الأول تاريخ العلوم وقياس الأزمنة
by farouk ladjailia - Tuesday, 16 March 2021, 5:05 PM
 

 

1- مقدمة: منذ ألاف السنين والإنسان يعتمد في قياسه للزمن على تتبع الشمس والقمر واستطاع ان يبتكر نظما لقياس وحداته المختلفة من يوم و اسبوع وشهر وسنة وكانت أقدم الحضارات مهتمة بالزمن منها الحضارة البابلية التي اعتمدت على التقويم القمري بينما الحضارة المصرية فاعتمدت على التقويم الشمسي وأدرك الانسان الشعور بالوقت منذ القدم فبحركة الشمس الظاهرية لاحظ تغير ظل الاشجار خلال النهار ويأخذ هذا الظل في التناقص عند الغروب وبملاحظة تغير ظل الاشياء اخترع الساعة الشمسية وكذلك لاحظ الانسان حريسكة القمر وإثناء دورانه  على الارض  يتغير شكله حيث أعطى للإنسان مفهوما جديدا لقياس الوقت وهو القمري .

2- تعريف الزمن:  الزمن تصور ينشأ لدى الانسان من ملاحظته للتغيرات في الاشياء سواء كانت حركية أو كيفية وعرف الزمن بكونه المدى الموضح بتعاقب الاحداث وهي شيء غير محسوس وغير مرئي يعبر الزمن عن المسافة الزمنية الفاصلة بين الاحداث .

مع مرور الأيام لاحظ البشر أن العديد من الظواهر الفيزيائية بدءا من حركة الشمس التي تأخذ فترات زمنية متساوية حسب تقديرهم مما دفعهم الى تطوير ميقات وأدوات لقياس الزمن باستخدام هذه الظواهر فأوجدوا الساعة الشمسية والرملية ....الخ.

3- الساعات البدائية: تشير الابحاث القديمة ان الانسان قسم اليوم الى أربعة فترات وهي الشروق الظهيرة الغروب والليل. ولم يمضي وقت طويل حتى قام الانسان بزرع عصا في الأرض وقام بمراقبة ظلها لتحديد تلك الفترات بدقة  ومن ثم قسم القدماء النهار والليل الى ساعات وبسبب تغير الفصول جعلوا ساعات الليل والنهار مختلفة الطول ثم أدركوا عدم صلاحية الساعات المتساوية وثم قسموا اليوم الى 12 ساعة متوالية ومع تقدم الزمن ضاعفوا التقسيم مرة أخرى بأن جعلوا اليوم 24 ساعة وبعد أن توفرت للفلكيين وحدات قياس الزمن كالساعات الشمسية أدرك القدماء  بعد ذلك أن  الساعة غير دقيقة خاصة عندما يكون الطقس غائما لذلك تم اختراع الساعات الرملية والمائية .

4- التقويمات الزمنية:    مر التقويم الميلادي بإصلاحات عديدة حيث بدأ قمريا والسنة فيها 10 أشهر ثم تم ترقيمه وتحويله الى النظام الشمسي وإضافة شهرين لتصبح 12 شهرا وفي عهد يوليوس قيصر عام 46 ق م تم اصلاحه وأطلق عليه التقويم ليولياني الذي تطور بعد ذلك الى التقويم الميلادي مع بداية القرن 4 م و في القرن 16 م تم اصلاحه مرة أخرى وأطلق عليه التقويم الغريغوري.    عربيا ظل التقويم القمري الوحيد الذي يعتمد عليه ولم يشاركه التقويم الميلادي حيث أدرك العرب أن الحساب القمري أيسر من الشمسي في حساب الزمن ومعرفة أوائل الشهور وإخفاء عدد السنين وتقدير الأيام .

- التقويم الروماني القديم: كانت الدولة الرومانية تستخدم تقويما يتألف من 10 أشهر ثم استخدموا تقويم شمسي وقمري حيث أن طول السنة فيه هو 355 يوما وعدد الأشهر 12 شهرا وعدد الأيام في الأشهر بين 29 و 30 يوما وهذا يوافق السنة القمرية ثم في السنة الموالية يضاف شهر طوله 22 أو 23 يوما على التعاقب فيكون طول السنة الكبيسة 377 أو 378 يوما . ويكون متوسط حصيلة دورة أربع سنوات هو : ( 355 + 377 + 355 + 378) × ( 4/1) = 366,25 يوما وهو ما يعادل طول السنة الشمسية.

ويعود الاعتماد على هذا التقويم الى الامبراطور نوما الروماني ولكن هذا التقويم مسه التلاعب من قبل الكهنة والقياصرة  فجعلوا بعض الشهور التي سميت على أسماء قياصرتهم 31 يوما على حساب الشهور الأخرى وكان عدد السنين يبتدئ من سنة تأسيس مدينة روما عاصمة الامبراطورية وهي 753 ق م .

- التقويم اليولياني: لما احتلت الامبراطورية الرومانية مصر استفاد الرومان من علوم الأقباط الفلكية فقام يوليوس قيصر بتعديل التقويم الروماني القديم بالاستعانة بأحد الفلكيين من مدينة الاسكندرية وقد تمثل التعديل في جعل السنة العادية 365 يوما والكبيسة 366 يوما وتكون السنة الكبيسة كل 4 سنوات وجعل عدد الأشهر الفردية 31 يوما والزوجية 30 يوم عدا شهر فيفري فيكون 29 يوما في السنة العادية و 30 يوما في السنة الكبيسة ودخل هذا التقويم حيز التنفيذ في سنة 45 ق م الموافق ل 709 لإنشاء روما ولكن لم ينجو هذا التقويم من العبث حيث تم زيادة عدد الأيام من شهر على حساب أشهر أخرى فعكسوا القاعدة وصار سبتمبر 30 يوما وأكتوبر 31 يوما ونوفمبر 30 يوما وديسمبر 31 يوما.

- التقويم الميلادي : كان عدد السنين في التقويم ليولياني مبني على التقويم الروماني القديم الذي يعتبر سنة انشاء مدينة روما بداية التاريخ وهو 753 ق م . ثم في منتصف القرن السادس دعا الراهب الأرمني ذيونيسيوس اكسيجونوس الى وجوب أن يكون ميلاد المسيح هو بداية التقويم ونجح هذا الراهب وبذلك أصبح عدد السنين منذ 532 ميلادي يعتمد على سنة ميلاد المسيح .

- التقويم الغريغوري : لاحظ غريغورس الثالث عشر بابا روما أن يوم الاعتدال الربيعي وقع في 11 مارس بدلا من 21 مارس بفارق 10 أيام فكلف الراهب اليسيوس ليليوس بتعديل التقويم ليولياني , فتم الاتفاق على حذف  3 أيام كل 400 سنة وأن تكون السنة القرنية التي هي من مضاعفات 100 سنة بسيطة إلا اذا قبلت القسمة على 400 بدون وجود باقي للقسمة , قاومت الدول الغير كاثوليكية هذا التقويم حتى استقر الأمر في القرن العشرين فقبلته كل الدول ماعدا القيادات الدينية لم تقبل هذا التعديل في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والرومانية واستمروا في استعمال التقويم ليولياني الذي أصبح الفرق بينه وبين التقويم الغريغوري هو 13 يوم.

أ- أدوات قياس الزمن:

5- الساعة الشمسية: تفيد معظم المراجع بأن أول آلة عرفها الانسان لقياس الوقت كانت الساعة الشمسية فهي عبارة عن وتد عمودي يغرس في الأرض ويتحدد الوقت بتحديد طول الظل الساقط للوتد على الأرض أو على المستوى الأفقي وقد سميت هذه الالة بالمزوله لأنها تعتمد على زوال ظل وتدها أثناء حركة الشمس. لكن سرعان ما أدرك الانسان الى أنه بحاجة لآلة تضبط الوقت أثناء غياب الشمس فاخترع الساعة المائية مكنته من قياس الوقت ليلا ونهارا .

6- الساعة المائية : الساعة المائية عبارة عن اناء يملأ بالماء ثم يتسرب منه الماء عن طريق ثقب صغير في قاعدته وكانت هناك تدريجات توضع على الاناء من الداخل تشير الى الزمن الذي انقضى . وكانت تستخدم هذه الساعة في معرفة زمن أو المدة التي يتم استغراقها الخطيب أو المتحدث وكانت منتشرة في الحضارة الاغريقية. كان العيب في هذه الساعة هو أن الماء يتجمد خاصة في فصل الشتاء.

7- الساعة الرملية : هي أداة لقياس الزمن تتكون من بصيلتين زجاجيتين بينهما فتحة صغيرة وتحتوي احداهما على حبات من الرمل الجاف الناعم والدقيق ويستغرق الرمل ساعة كاملة بالضبط لكي ينساب من البصيلة العليا الى البصيلة السفلى . سابقا كان يستعمل الزئبق ولكن استبدل بالرمل لأنه ينساب بشكل ثابت. بالإضافة لقياس الزمن كانت الساعات الرملية تستخدم في تحديد الزمن الذي كان على المتحدث أن يلقيه. أما في بداية القرن العشرين كان البحارة يستخدمون الساعة الرملية لقياس سرعة سفنهم. لكن مع التطور الذي حصل فقد تم التخلي عنها وهذا بظهور أنواع أخرى من الساعات كالساعة الذرية....الخ

8- الساعة الذرية :  تعد الساعة الذرية من أحدث وأدق الساعات وتستخدم لقياس معيار الزمن بالثانية وبدقة كبيرة جدا حيث يصل مقدار الخطأ للثانية الواحدة الى 3 ملايين سنة تقريبا الأمر الذي جعل منها معيار للتوقيت العالمي. يعتمد هذا الجهاز على قياس الترددات الكهرومغناطيسية التي يطلقها أو تصدرها أو تمتصها الذرات أو الجزيئات وتعتمد فكرة عمل الساعة الذرية على الاشعاع الراديوي الناتج عن الانتقال أو تغير في مستويات الطاقة في الذرة . تحتوي الساعة الذرية على فجوة معدنية تتناسب مع موجات الميكروويف وتحتوي على غاز وهذه الفجوة قابلة للضغط بدقة عالية بحيث يتناسب مع أضخم اشارة تردد ناشئة داخل الفجوة الى أن تصل الى درجة الرنين حيث تستغرق هذه العملية بعض الوقت للوصول الى الرنين الترددي .

9- قياس الزمن : يمثل اليوم الوحدة الأساسية في علم الفلك لقياس الزمن ويمكن حساب طول اليوم عن طريق قياس الزمن من عبور الشمس بدائرة الزوال في يوم معين الى عبورها بدائرة الزوال في اليوم الاخر ونجد هذه المساواة تساوي 24 ساعة ويسمى باليوم الشمسي المتوسط . وإذا ما أخذنا معينا اي نجما مضيء في السماء ورصدناه في يوم فانه يصل الى نفس المكان في اليوم الموالي بعد مدة زمنية مقدارها 23 ساعة و 56 دقيقة و 4,09 ثانية ويسمى باليوم النجمي . وبذلك يمكننا أن نقول على وجه التقريب أن اليوم الشمسي = اليوم النجمي + 4 دقائق . بينما الشهر الشمسي  = الشهر القمري + 2 ساعة . بينما السنة الشمسية = السنة النجمية + يوم . والفرق بين اليوم الشمسي ولنجمي هو اختلاف مظهر النجوم في السماء في أشهر السنة المختلفة .